كيف تكون التربية الصحيحة للأبناء؟
الأبناء من النعم التي أنعم الله بها على عباده وقد تكون نقمة لمن لم يُحسن تربيتها فهم كبذرة يقع عاتق سقيها والإهتمام بها على الوالدين فإما تنمو وتزهر منتجة ثمارها نافعة لنفسها وغيرها من أفراد المُجتمع إما تذبل من شِدة ظمأها فتصبح عالة عليه.
لِما يجب علينا معرفة التربية السوية للأبناء ؟
لأن الأطفال كالعجينة عجنها وتشكيلها يكون على حسب نمط تربية الوالدين والصفات المغروسة بهم فالحصول على طفل قوي واثق من نفسه أسهل بكثير من التخلص من رماد رجل أحرقته العُقد النفسية.
تأهيل الوالدين على التربية
هذا أول ما يجب القِيام به لأن هناك الكثير من الآباء والأمهات يجهلون التربية السوية للأطفال، ويرتكبون أخطاءً بتكرار أخطاء آباؤهم خلال تربيتهم ويتناقلونها كأنها إرث وعادة مُقدسة غير قابلة للتغيير، غافلين عن العاهات والمشاكل النفسية التي ترتبت عنها فيصبح أبنائهم ضحايا لتلك العُقد النفسية، لذا وجب على الوالدين الإستعانة بطبيب نفسي لكي يتعافوا من ماضيهم ويتأهلوا نفسيًا ليكون أبنائهم متزنين نفسيًا.
تأثير الطفولة على تشكل شخصية الطفل
تعتبر مرحلة الطفولة أساس بناء شخصية الأبناء وهنا يكون الطفل متعطشًا للحب والحنان، والحصول على انتباه والديه غير غافلاً عن كل صغيرة وكبيرة قد تصدر من أحد الوالدين، لذا يجب عليهما إغداقه بالحب والحرص على إعطائه الإنتباه الكامل، حتى ولو كان الأمر أقل أهمية من ما يقومان به لا الصراخ بوجهه بعصبية بالغة وإخباره أنهم مشغولين أو يطلبان منه تأجيل كلامه، وكلما تكرر الأمر كل مرة سيُحلق حماس الطفل بعيدًا، فيُفضل الكتمان وعدم البوح بأبسط الأشياء حتى تلك الأشياء التي تُحزن قلبه اللطيف، لأن تبادل الحوار مع الطفل يجعله يشعر بمدى أهميته فهو يرى والديه منبع أسراره وعالمه يشاركهم بجميع تفاصيل حياته، التشجيع والدعم يدفعانه للتقدم نحو الأمام ولا يشترط أن يكون الدعم ماديًا صحيح أن الهدايا تسعدهم لكن أن يُقال له كلام مُبهج نابع من القلب سيُحفر في ثنايا قلبه مع حضن دافئ يتذكره في أصعب أيامه.
كيفية التصرف في حالة تشاجر أبنائك؟
لا يوجد بيت يخلو من شجار الإخوة والذي يتسبب في حدوث ضوضاء تُثير أعصاب الوالدين، مما يدفعهما لحل ذلك النزاع بخشونة وعصبية وأحيانًا بغير عدل، لذا من المستحسن عدم التدخل في حالة لم يدق ناقوس الخطر بإصابة أحدهما بأذى جسدي فهُما بحاجة لتلك المناوشات لتفريغ غضبهما بدل تراكمه محدثًا شرخًا في علاقتهما، وفي بعض الأحيان تكون تلك المشاجرات ناتجة عن الغيرة بتفضيل أحد عن الآخر أو شعور أحدهما بالنقص، وأفضل حل يقدمانه الوالدين في هذه الحالات هو إستماعهما لكلا الطرفين للتوصل لسبب المشكلة مع عدم الإنحياز لأحد منهما ضد الآخر ومنحهما الحق في حل مشكلتهما فيما بينهما.
عصبية الطفل والعقاب
عند ملاحظة العصبية الزائدة عند أحد الأطفال وجب التأكد من خلوه من الأمراض العضوية قبل التفكير في أنها قد تكون ناتج عن أسباب نفسية، وفي حالة العقاب يجب أن لا يكون شديدًا لدرجة شعور الطفل بالظُلم وقبل ذلك يجب الإستفسار عن سبب قيامه بذلك الشيء دون اللجوء للعصبية المُفرطة والضرب الوحشي المُهين.
يعتبر أسلوب الدقيقة الواحدة من أساليب التربية الحديثة الذي جاء به الدكتور سبنسر جونسون في كتابه والذي بالرغم من غرابته إلا أنه كان مجديا مع الكثيرين.
- أسلوب الدقيقة الواحدة:
يعتمد هذا الأسلوب على جعل الأبناء يشعرون بعدم الرضا عن سلوكهم و بالرضا عن أنفسهم خلال 60 ثانية، ويجب أن تكون تلك الثواني مدروسة بإتباع الخطوات المنهجية حتى تصل الرسالة بشكل كامل، بحيث في حالة التوبيخ وفي النصف الدقيقة الأولى على الأم (أو الأب) أن تُطالع إبنها بشكل مباشر لمدة 5 ثواني، ثم توضح له خطأه مع التعبير عن غضبها وتحسيسه بإستيائها من خلال نظراتها وملامحها، ثم تأخذ نفس عميق كمحاولة منها في تهدئة أعصابها، وعند بداية النصف الدقيقة الثانية تغير نظراتها الحازمة والجادة إلى أخرى مُحبة مع إخباره أنه ولد طيب وأنها تحبه لكن لم تُحب تصرفه الخاطئ مع حضنه والتربيت عليه، فبذلك يُدرك الطفل أن أخطائه لن تمر بدون مُحاسبة وفي نفس الوقت أنه مهما فعل سيظل محبوب وطيب بنظر والديه، كما يمكن إعتماد هذه الطريقة في المدح حيث في الثلاثين الثانية الأولى تطالعه بنظرات رضا وحُب ثم توضح له سلوكه الإيجابي وفي النصف الآخر تعبر له عن حُبها وفخرها به.
يعتبر هذا الأسلوب كبديل لباقي الوسائل الخاطئة المنتشرة والتي تُؤذي نفسية الطفل لكن على الوالدين تفادي توبيخ الطفل أمام الحاضرين تفاديًا لإحراجه.
كيفية التعامل مع الخجل الشديد لدى الطفل؟
يعتبر الخجل شيء طبيعي عند الطفل لكن لو إزداد بشكل مفرط و إستمر لمدة ستة أشهر أو أكثر هنا قد يتحول إلى مايسمى بالإضطراب التجنبي.
يعتبر هذا الإضطراب حالة نفسية تصيب الأطفال ويظهر عند الذكر بشكل مُبكر، بحيث يعاني صاحبه من الخجل الشديد وشعوره الدائم بالنقص والخوف من التعرض للرفض من قبل الآخرين مما يعيق سير حياته الإجتماعية بشكل طبيعي، فنجده في المناسبات منعزلًا ملتصقًا بوالديه مع إعتماده عليهما بشكل كلي ويكون غير قادرًا على اللعب مع أقرانه، أو القيام بأي نشاط سواء في مدرسته أو في النادي، ومن الأسباب التي تؤدي لخجل الطفل: التدليل المفرط، عدم تعويده على الإختلاط، توبيخه بإستمرار وإنتقاده أمام الآخرين ما يُكسر ثقته بنفسه، وجود عاهات جسدية، إضطرابات النطق واللغة.... ، لذا يتوجب على الوالدين التعرف على مصادر الخجل أولًا ثم المحاولة على تغيير تفكيره ونظرته لذاته وتحسين مهاراته الاجتماعية.
في حالة لو فشلت محاولاتهم في حل المشكلة يجب عليهما الإستعانة بطبيب نفسي لا تجاهل الأمر ، فتقافمه يؤدي إلى إضطرابات نفسية أخرى وبالتالي ضياع مستقبل وشخصية الطفل.
مشكلة تأخر النطق لدى الأطفال
لاننكر أن سماع تلك الأخطاء التي يصنعها الأطفال عند محاولاتهم في الكلام لها لذة خاصة تجعلنا نستمتع بسماعها في كل مرة .
لكن يصبح الأمر غير عاديا إذا استمر النطق بتلك الطريقة بعد أن يبلغ الطفل أربع سنين، فستستمر تلك العيوب اللفظية و ستُؤثر سِلبًا على نفسية الطفل بسبب ما سيتعرض له من سخرية لذا على الوالدين حل تلك المشكلة فالزمن المناسب للتصحيح يكون مابين 4-8 سنوات، وقد يعاني البعض من التأتأة، لكن تحسين لغة ونطق الطفل ليس صعبًا لكنه يحتاج للصبر مع إعطاءه الوقت والإهتمام في تدريبه على تصحيح أخطاءه بعيدا عن الآخرين، إستعمال كلمات واضحة مع الطفل وتجنب تكرار عيوبه أمامه، حسن الإستماع إليه وعدم تعجيله عند الكلام.
قال الإمام الغزالي رحمه الله : « إن أطفالنا جواهر»، لكن بعض الآباء والأمهات لا يدركون قيمة أولادهم غافلين عن أن ماينفع البني آدم بعد موته وإنقطاع أعماله هي دعوة الولد الصالح ولا يحدث ذلك إلا بالتربية الحسنة والسوية، لذا على الوالدين الإهتمام بمختلف المشاكل التي تظهر على أبناءهم وعدم الإستسلام لأن ذلك سيُفقد الطفل عزيمته ويجعله يرى أن مشكلته لا حل لها.
إعداد / هيلوفة حسناء