ما العِبَر والمُعجِزات في قصص الأنبياء؟
إذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا والشَّمسَ والقَمرَ رَأيتُهم لي سَاجِدين. [سورة يوسف الآية 4]
ورَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَدًا وَ قَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْويلُ ُّرُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِي حَقًا. [سورة يوسف الآية8]
كان يوسف عليه السلام أحب الأبناء إلى قلب والده فكان يجلس معه في يومٍ من الأيام، وبدأ بقص ما رآه في منامه على والده قائلًا: يا أَبي لقد رأيتُ في منامي اليوم حلم غريب لقد وجدت أن الكواكب والشمس والقمر يسجدون إليّ لم يدرك وقتها أن هذه نبوءةً له ليس مجرد حلم يحكيه لوالده، ولكن والده علم أن سيكون لإبنه شأنٌ عظيم ولم يخبره حينها بل قال له ألا يُخبر إخوته فتبدأ غيرة النفس البشرية الذي يحيكها الشيطان بين الشخص والآخر والمقصود هنا من ألا يحكي لإخوته مترتب عليه ألا يحكي لأي شخصٍ أخر إذا كان الشيطان يكيد بين الأخ وأخوه فماذا يفعل بينه وبين شخصًا غريبًا عنه؟
كانت تلك الآية الرابعة في أول سورة يوسف في أول أحسن القصص التي تم قصَّها في القرآن الكريم، ثم من بعد ذلك توالت الأحداث باقي القصة والتي سنذكُر بعضها فيما بعد.
تحققت رؤيا يوسف بعد أن أصبح عزيز مصر، حيث سجدَ له إخوته والمرموز إليهم في الرؤيا ب "أحد عشر كوكبًا" وسجدَ له أمه وأبيه والمرموز لهم في الرؤيا ب"الشمس والقمر" كانت تدابير الله سبحانه وتعالى فوق كل شىء نسيَ يوسف الرؤيا، ولكن الله لم ينسى بيع يوسف كغلام ولكن جعله الله عزيزًا
نُوديَ من امرأة العزيز من المرأة التي ربته نادته لفعل الفاحشة لكن ثبته الله فأبى رُمي في غيابت الجُب فحفظه الله وجعله العزيز غلامًا له.
وَجَآءُو على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وٱللَّهُ المُستعانُ عَلَى مَا تَصِفون.
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسىٰ اللَّهُ أن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إنَّهُ هو العَلِيمُ الحَكِيم.
ذُكر الصبر على لسان سيدنا يعقوب في السورة مرتين، ولكن في المرة الأولى عندما قالها صبر سنين عديدة لكي يَرُد الله إليه ابنه بل اشتد عليه البلاء أكثر فٱبيضت عيناه (أي أصابه العمى، وضاع ابنه الثاني يستوقفنا هنا نقطة في الفكر البشري السائد عند دعوة سيدنا يعقوب وثقته بالله ما هو الذي يمكن حدوثه ما الذي يمكن أن يرده الله إليه لا يمكن أن يتصور العقل البشري أن يرد الله له ابنه الغائب منذ سنين (المُتوفى كما أخبره أبناؤه) لا يمكن أن يرد الله إليه بصره لا يمكن بالتصور البشري أبدًا، ولكن الشىء الوحيد الذي يمكن العقل البشري تصوره أن يرد إليه الله ابنه الغائب حديثًا.
فالصبر في الحالة الأولى لم يكن على يقين بل كانت كلمة خرجت منه لتفريغ همومه فيها، وبعد ذكره للصبر للمرة الثانية كانت هذه المرة بيقين تام فأعاد الله له بصره، وأعاد يوسف وبنيامين إضافةً أن يوسف عليه السلام كان عزيز مصر وفي روايات أخرى أن جعل له كل أبناءه أنبياء.
لو كان بقى يوسف عليه السلام مع والده ولم يرمه إخوته في غيابت الجب لما كان ليصبح عزيز مصر لما كان من الممكن أن يُصبح نبيّ لم يكن ليذكر اسمه من الأساس، فالله يهذبنا بالإبتلاء الله يريد أن يرى منَّا الصبر على ما يصيبنا إن كان خير أو شر فالبلاء يأتي بالأمور التي يكون ظاهرها خير أو ظاهرها شر الله لم يبتلى سيدنا يعقوب ويوسف فقط بل كل الأنبياء ابتلوا، وتعاملوا مع البلاء بصبر وأروا الله ما كان يريد أن يراه منهم من صبر ويقين.
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أنِّي مَسَّنِي ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلَّراحِمِين.
فَٱستَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍ وَ ءَاتَيْنىٰهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُم رَحْمَةً مِّن عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعابِدِين. [سورة الأنبياء]
كان سيدنا أيوب عليه السلام أكثر أهل الأرض بلاءً حيث كان يملك 20 من الأولاد تقريبًا، فابتلاه الله فيهم وماتوا جميعهم كان أغنى قومه، فابتلاه الله وجعله أفقر أهل الأرض لتلك الدرجة التي جعلت زوجته تبيع شعرها كان رجلًا ذو هيبة وصحة، فابتلاه الله في صحته فجعله طريح الفراش حتى أصابته القرح لم يستاء سيدنا أيوب لم يكفر بالله وما أعترض على قضاء الله (بل كان دائمًا ما يقول أعطاني لسنين عديدة ألا أصبر)معنى الكلام.
ولمَّا أشتدّ به الكرب لم يَزد عن قوله ربي إني مسني "مسني"!
لم يزِد عن قول ذلك.
فاستجبنا والفاء تدل على السرعة أعطاه الله عدد أولاده، وضعفهم أعطاه الله صحة كأنه عاد إلى شبابه أغناه الله من فضله فعاد أغنى قومه كان ابتلاء الله له لحكمة كان ابتلاء الله له ليرى منه أمرًا معين فلما رآه عوضه عن كل ما آتىٰه
وَإنِّي خِفْتُ ٱلمَوالَيَ مِن وَرَآءى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِى مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا. [سورة مريم الآية 5]
يَا زَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّه مِن قَبْلُ سَمِيًّا. [سورة مريم الآية 7]
كان سيدنا زكريا وصل به الكبر عتيًّا (إلى آخر مرحلة من مراحل الكبر الذي يتخيلها الإنسان ) وكانت ٱمرأته عاقرًا وليس عقيم ومعنى عاقر (هي المرأة التي لا يوجد لديها ولد كما أنها كانت عجوز علمِيًّا انقطع حيضها) ومع ذلك دعى سيدنا زكريا ربه فاستجاب له جلّ شأنه ووهب له ولد وجعله له نبيّا وجعله تقيّا كما أعطاه علمه والتفرقة بما يجوز ولا يجوز وهو في صغر سنه.
إعداد/أماني أحمد